رأى سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أن الانتصار في الحرب على الإرهاب وكسر حلقة العنف يتطلب جهداً جماعياً عالمياً لتوفير التعليم وفرص العمل والاستقرار وإيجاد حلول عادلة للسلام الدائم .
وقال سعادته في كلمة اليوم أمام مؤتمر ويستمينستر لمكافحة الإرهاب- الذي ينظمه المركز الملكي لدراسات الدفاع " Rusi" خلال الفترة 23 الى 24 نوفمبر، إن الأحداث المروعة التي وقعت مؤخراً في جميع أنحاء العالم وضعت خطر الإرهاب في بؤرة الاهتمام.
وأضاف أننا نعيش في عصر يتسم بالهجمات الارهابية التي لا يمكن التنبؤ بها، والتي ترتكبها جماعة صغيرة من المتطرفين المصممين على إلحاق الضرر والخوف بالمدنيين الأبرياء.
وأشار إلى أن الكثير قد تحقق في الحرب ضد الإرهاب العالمي والتطرف العنيف، ولكن المعركة لم تنته بعد.
وقال إن الناس في المملكة المتحدة وحول العالم يواصلون التشكيك في الأسباب الجذرية للإرهاب والحلول الرامية إلى القضاء على هذه الحلقة من العنف ولم يتوصلوا إلى حلٍ بعد.
واعتبر أن هذا المؤتمر يعكس رغبة قطر والشعوب والمنظمات ذات النوايا الحسنة في العمل معاً من أجل مكافحة الأيديولوجيات الشريرة.
وقال إننا اليوم سنتبادل الخبرات والمعرفة ونعزز التعاون العالمي، بالعمل مع شركائنا الحاليين والجدد، في الحرب ضد الإرهاب.
وعبر سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية عن اسفه لتحول الشرق الأوسط من منطقة سلام وتعايش إلى منطقة مضطربة، لافتاً إلى أن المنطقة تعيش استبداداً وهو أحد أسباب ازدهار التطرف.
وزاد "نحن بحاجة إلى التَعلٌم من التاريخ والبناء على المنظور والخبرة لاكتشاف كيفية القضاء على التطرف".
وحدد سعادته العدو، والأسباب الجذرية للإرهاب في الطغيان، والشمولية، والعدوان، وغياب العدالة وشدد على أن الأزمات هي ما يغذي الإرهاب.
ونبه إلى أن الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تهدد حياة 24 مليون طفل، معظمهم يعيشون في اليمن والعراق وسوريا.
وأضاف "من السهل العثور على أمثلة حديثة للكوارث التي أحدثتها الأيديولوجيات الشريرة في منطقتنا: الأطفال الذين عاشوا الفظائع الجماعية للنظام السوري داعش في العراق وسوريا والحرب في اليمن حيث يُحرم الأطفال من الأمل في مستقبل أفضل".
وأكد سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أن الوقت قد حان ليضع المجتمع الدولي حدا لهذه الأزمات ، محذرا من أن هؤلاء الأطفال البائسين سوف يقعون فريسة للأيدولوجيات المتطرفة المشوَّهة في حال التقاعس عن إنقاذهم.
ورأى سعادته أن التصميم والتعاون والمثابرة هي السبيل لإنهاء دورة العنف والتطرف ، موضحا أن قطر أصبحت واحدة من أكثر دول العالم أمناً وسلاماً رغم وجودها في منطقة مضطربة تشهد تفككاً لعدد من الدول الشقيقة تحت قبضة الطغاة والإرهابيين، لافتاً إلى أن تحقيق هذا الإنجاز لم يكن أمراً سهلاً.
وقال إن قطر ظلت تقف لسنوات عديدة إلى جانب حلفائها مثل المملكة المتحدة وبقيت ملتزمة بقوة بالقضاء على الإرهاب بجميع أشكاله.
وأضاف أن قطر تسعى باستمرار إلى انتهاج أسلوب العمل الجماعي لمواجهة خطر الإرهاب العالمي في عالم متغير.
وذكر سعادته أن قطر اتخذت في عام 2004 خطوات حاسمة لقطع تمويل الإرهابيين عندما أصدرت أول قانون لمكافحة الإرهاب.
وزاد "منذ ذلك الوقت نجحنا في توقيف ومحاكمة أفراد ومنظمات داخل حدودنا يشتبه بدعمها للإرهاب وذلك وفقا للإجراءات والأحكام القانونية".
وأوضح سعادته أن قطر أدركت أن المعالجة الكلية للإرهاب اهم طريقة للقضاء عليه وأضاف "نستطيع جميعا عن طريق جمع الإجراءات الأمنية الصارمة مع الاحتياطات طويلة الأمد أن نحقق النجاح".
وقال سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إن تفشي الأزمات في منطقتنا المضطربة يتيح استهداف الفئات الضعيفة بين الرجال والنساء بواسطة المجموعات المتطرفة.
وأوضح أن التجنيد لتبني الأيدولوجيات الشريرة يتم من خلال الإنترنت عبر الحدود، وشدد على ضرورة أن نتفوق على هذه القوى في هذا المجال في جميع الأوقات.
ورأى سعادته أن من المهم جداً أن نستخدم القانون والوسائل العسكرية والاستخباراتية في مكافحة الإرهاب "ولكننا اكتشفنا أن هذه الوسائل الأمنية الصارمة لم تكن كافية لوحدها، بل يجب أن تكون ضمن عدد من الخطوات".
وأوضح أن قطر عملت عبر عقد من الزمان لإيجاد شركاء عالميين يشاركونها نفس التزامها بمكافحة الإرهاب.
وأشار إلى أن هذه الشراكات أثمرت عضوية نشطة لقطر في التحالف الدولي ضد داعش واستضافتها مركز القيادة لقتال التنظيم .
وذكر أن قطر عضو مؤسس للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب والصندوق العالمي لاشراك المجتمعات المحلية والقدرة على الصمود كما أنها طرف في جهود الأمم المتحدة ووكالاتها للقضاء على جميع أشكال التطرف والإرهاب.
وقال سعادته إن قطر استثمرت بكثافة في التنمية البشرية بالتعاون مع جميع حلفائها حول العالم لتوفير التعليم والتنمية الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأشار إلى أن قطر تؤمن بأن التعليم أداة مهمة في بناء السلام ومنع النزاعات لافتا إلى أن ذلك يفسر التزامها بتعليم سبعة ملايين طفل وتوفير التمكين الاقتصادي لما يقرب من نصف مليون شاب من الرجال والنساء في المنطقة.
وأضاف أن "دولة قطر تأمل بفعل ذلك، أن يستطيع الشباب قيادة حياة ذات قيمة تتوج بالأمل في نهاية المطاف" وزاد" إننا نسعى لمكافحة ذلك اليأس الذى يوفر أرضية خصبة للتطرف".
وشدد سعادته على أن التعليم وحده لا يكفي ودعا إلى منح الناس سبيلا لدعم أسرهم وتوفير كرامة العمل لهم.
وأوضح أن قطر تعاونت مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب لتعزيز فرص العمل للشباب من خلال بناء القدرة واطلاق برامج لمنع التطرف العنيف.
واشار سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الى أن توفير الاستقرار في المنطقة احد السبل لكسب الحرب ضد الإرهاب وكسر دائرة العنف ودعا إلى التزام سياسي بإنهاء الصراعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأضاف "يجب أن نوفر أملاً واقعياً لمستقبل للشباب والشابات في الشرق الأوسط وفي جميع أنحاء العالم ،كما يجب أن تنتهي هذه الحلقة من العنف، التي يرتكبها الأفراد الساعون للسلطة".
ورأى سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أن الأزمات لا تحدث فجأة لافتا إلى أن الناس يعانون من أزمات متواصلة ومستمرة في ظل القيادة الشمولية والطاغية والعدوانية.
وأشار إلى الناس يعانون كذلك من الحكام الذين يسعون إلى السلطة ويمارسون الحكم السيئ ويجردون السكان من حقوقهم الإنسانية وكرامتهم وأضاف أن هؤلاء السكان يقعون أيضا فريسة للجماعات المتطرفة.
وفي ختام كلمته عبر سعادته عن تطلعه لنتائج هذا المؤتمر الذي يسعى لعرض أفضل الأمثلة على التعاون الدولي ومكافحة الارهاب من خلال الجمع بين الممارسين وصانعي السياسات من جميع أنحاء العالم، للتعلم من بعضهم البعض، وقال، نأمل أن تشارك جميع الدول في تعزيز استراتيجيات مكافحة الإرهاب.
كما اعلن عن ترحيب دولة قطر بإنشاء اللجنة البريطانية لمكافحه التطرّف, مؤكداً تطلع دولة قطر للتعاون مع اللجنة في المستقبل.