ندوة افتراضية بمناسبة اليوم الرياضي لدولة قطر


كواحدة من ثلاث دول فقط في العالم تخصص عطلة وطنية للرياضة، تولي دولة قطر اهتمامًا كبيرًا بتبني نمط حياة صحي بين أفراد سكانها. وهذا الشغف للرياضة راسخ في أجندة رؤية قطر الوطنية 2030، كما تمثَّل في هدف دولة قطر "بأن تصبح رائدة عالميًا في مجال الرياضة وأن تجمع العالم معًا من خلال التنمية الرياضية المستدامة."

 


في عام 2020، نجحت دولة قطر، إلى جانب إمارة موناكو، في سعيها لإصدار قرار للأمم المتحدة حول "الرياضة: مُسرِّع عالمي للسلام والتنمية المستدامة"، بصفتهما الرئيسان بالشراكة لمجموعة أصدقاء الرياضة من أجل التنمية المستدامة، والذي يبرز دور الرياضة في تعزيز التنمية والسلام والاحترام والتسامح وتحقيق مجتمع نشيط وصحي.

 

في 9 فبراير 2021، عقدت سفارة دولة قطر في لندن حلقة نقاش افتراضية، عُرضت بالبث المباشر على قناة السفارة على يوتيوب، كجزء من احتفالها باليوم الرياضي للدولة، حول أهمية الرياضة في تبني مجتمع صحي في ظل تحديات كوفيد-19.

افتتح الجلسة الافتراضية السيد محمد الجابر، القائم بالأعمال بالإنابة في سفارة دولة قطر في لندن.

 

وترأس الجلسة السيد كريس دويل، مدير مجلس تعزيز التفاهم العربي البريطاني (CAABU)، وحضرها ضيوف مميزون، وهم: السيدة لولوة المري، رئيسة لجنة رياضة المرأة القطرية، ود. محفوظ عمارة، رئيس برنامج علوم الريا,ضة والأستاذ المشارك في علوم الاجتماع والإدارة الرياضية في جامعة قطر، ود. سيمون روف، القارئ في الدراسات الدبلوماسية والدولية في مركز الدراسات الدولية والدبلوماسية(CISD) ، جامعة لندن، والسيدة انتونيت مكّون، الرئيس التنفيذي لمجلس الرياضة في أيرلندا الشمالية ((Sport Northern Ireland.

في كلمته الافتتاحية، أعرب السيد محمد الجابر عن سعادته بالتمكن من إقامة الحدث الافتراضي في هذا اليوم المهم لدولة قطر، وأقرّ بالصعوبات التي واجهها الجميع حول العالم خلال الوباء.

"كون الرياضة تجمعنا معًا، فإن أمر الاستجابة لأزمة دولية مثل كوفيد-19 يقضي بضرورة عمل الناس معًا، فلا يوجد بلد أو مجتمع محصن من هذا الوباء، ولمواجهة تداعياته، مطلوب منا جميعًا العمل الفعّال. نعمل بروح الفريق عندما يتعلق الأمر بمكافحة الوباء."

وحرص السيد الجابر على إبراز طابع اليوم الرياضي للدولة باعتباره مناسبة جامعة وموحدة بين الناس.

 

"نتفق جميعًا على أهمية الرياضة بالنسبة لنا الآن كأفراد ومجتمعات وأمم. قطر لديها شغف وطني بالرياضة وهي جزء لا يتجزأ من ثقافتها. اليوم الرياضي للدولة فرصة لتقريب المجتمعات من بعضها، فالممارسة الرياضية تقوم على مبدأ بناء الفريق والاندماج والوحدة والمشاركة واللياقة والصحة والانضباط.

وبالإشارة إلى كأس العالم لكرة القدم 2022، تحمّس السيد الجابر لمناقشة أهمية البطولة لتأثيرها طويل الأمد الذي ستحدثه على التنمية الرياضية المستدامة على نطاق عالمي.

"كأول دولة في الشرق الأوسط والعالم العربي تستضيف كأس العالم لكرة القدم، سنكون حريصين بأن تترك البطولة إرثًا إنسانيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وبيئيًا إيجابيًا للبلد."

في حديثه عن الوضع الحالي العالمي وانعكاسات كوفيد-19، قال السيد الجابر إنه "يمكن للرياضة أن تكون وسيلة علاجية للوباء من عدة جوانب، من خلال دورها في رفع الروح المعنوية وتحسين الصحة العقلية للناس".

وأكد الجابر كذلك على قوة الرياضة كعامل موحّد في ظل وضع عام يعتريه انعدام اليقين والانقسام، "الرياضة تمثل تفاعلا متعدد الأطراف ضروريا لجمع الناس من خلال الفعاليات الرياضية الكبيرة أو الصغيرة، وللتعرف على الثقافات المختلفة، وخلق فرص جديدة وكذلك لدعم التغيير الإيجابي."

وأشار الجابر إلى "نموذج قطر الفريد للدبلوماسية الثقافية التي حولت الرياضة لوسيلة مثالية تجمع بين الشعوب بروح مشتركة".

وفيما يخص قيمة الرياضة المتمثلة بتعزيز نمط حياة صحي، حرص المشاركون على مناقشة أهمية استخدام الرياضة كأداة حيوية وضرورية لتماسك المجتمع وتآلفه، مستشهدين بالاندماج والتنوع الاجتماعي كعاملين أساسيين في تحقيق ذلك.

 

وعبرت السيدة لولوة المري، رئيسة لجنة رياضة المرأة القطرية، عن فخرها بمشاهدة بهية الحمد، أول سيدة قطرية تحمل العلم في أولمبياد لندن عام 2012.

كما أشارت السيدة المري إلى أن "قطر استثمرت بقوة وسخاء في الرياضة على مدى السنوات الماضية، ليس فقط من أجل بطولة كأس العالم لكرة القدم المقبلة، ولكن لأبعد من ذلك، حيث تعمل قطر على الترويج للرياضة كأسلوب حياة... والعقلية تتغير ]مع الرياضة[".

فيما يتعلق بمشاركة المرأة الرياضية في قطر، أكدت المري أن منتخب قطر لكرة القدم للسيدات تحت 17 سنة "حظي بالعديد من الفرص التدريبية مع مختلف الأندية، بما في ذلك بايرن ميونخ، ولعب مباريات ودية مع فريق الفتيات فيه وشارك بكل جانب يتعلق بها."

كما تطرقت السيدة المري لقدرة الرياضة على إزالة العقبات أثناء الحصار على قطر حيث جمعت المشجعين معًا بروح الرياضة.

"خلال الحصار، استضفنا مسابقات على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، وكان لدينا مشجعون من الإمارات والبحرين والمملكة العربية السعودية؛ حتى أثناء الخلاف، كانت الرياضة تجمع بين الناس وتدخل عليهم السعادة،"

 

 

 

وشاركت أنتونيت مكون، الرئيس التنفيذي لمجلس الرياضة في أيرلندا الشمالية، مشاعر المتحدثين حول أهمية الرياضة كأداة مهمة لكسر حواجز الانقسام والخلاف.

"في أيرلندا الشمالية، بعد 30 عامًا من الصراع، استخدمت الرياضة كآلية قوية جدًا لإعادة غرس الثقة في مجتمعنا وفي صغار السن ولتعليمهم لغة مختلفة، وهي لغة الرياضة، واللعب وفقًا للقواعد، والتحلي بالاحترام لمن يلعبون معهم، لذا فإن جميع جوانب العمل الجماعي واحترام الفرد واحترام اللاعبين الآخرين كانت لغة ربما لم نتعلمها عندما كنا نكبر أثناء كل المشاكل التي مررنا بها."

 

 

كما تحدث د. محفوظ عمارة، رئيس برنامج علوم الرياضة والأستاذ المشارك في علوم الاجتماع والإدارة الرياضية في جامعة قطر، عن الاستثمارات في برامج علوم الرياضة في جامعة قطر والتي أحدثت تطورا هائلا في الأبحاث والمشاريع المتعلقة بالتوعية الرياضية المجتمعية.

"جزء من إستراتيجية قطر طويلة المدى يكمن في الأهمية التي توليها للبحوث والمساهمة في التحليل العالمي وجمع المعلومات وذلك من خلال نشر حوالي مائة وأربعين ورقة بحثية ومراجعات مدققة بشكل سنوي."

"الجانب الآخر المهم هو التواصل مع المجتمع وخدمة المجتمع وبخاصة أثناء الوباء؛ قمنا بتنظيم ندوات توعية وعدد من الندوات حول الأنشطة البدنية وأهمية الحفاظ على اللياقة، ليس فقط لصحة الجسم، ولكن أيضًا لتحقيق الرفاه العاطفي والنفسي."

كما سلط الدكتور عمارة الضوء على تنوع الطلاب المسجلين حاليًا في برامج العلوم الرياضية المختلفة في جامعة قطر، وخاصة عدد الطالبات.

"أربعون في المائة من الطلاب هم من الإناث، وهذا مهم لأنه عندما نتحدث عن مشاركة المرأة في الرياضة، هناك العديد من الصور النمطية لدى الناس عن قطر، ولا سيما فيما يتعلق بقضية مشاركة المرأة في الرياضة، والتنوع الاجتماعي في الرياضة ولدينا العديد من الطالبات المتحمسات جدا للتدرب في علوم الرياضة."

 

وتحدث د. سيمون روف، القارئ في الدراسات الدبلوماسية والدولية، مركز الدراسات الدولية والدبلوماسية(CISD) ، جامعة لندن، عن رأيه في فكرة جعل الرياضة عنصرًا رئيسيًا في أي جدول أعمال حكومي.

"كم هو مهم أن يتم تخصيص يوم للرياضة كجزء من المنظور الوطني للدولة. وقد وضعت قطر ذلك كالتزام أمامها، من ناحية الوقت، من خلال تحديد عطلة رسمية للرياضة، ولكن أيضًا من حيث التمويل. فقد قدمت قطر في سياساتها المتعلقة برؤية 2030 مفهوما خاصا بها للرياضة وأقامت ملفا شخصيا يعكس شخصيتها الوطنية".

وفيما يتعلق ببطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 المقبلة في قطر، حرص المشاركون على مناقشة تأثير إقامة مثل هذه البطولة الرياضية العالمية في الشرق الأوسط.

د. روف أثنى على القيادة التي مثلها سعادة السيد حسن الذوادي، أمين عام اللجنة العليا للمشاريع والإرث، في التزامه بالدبلوماسية والمشاركة الرياضية، حيث قال إن السيد الذوادي "يقدم نموذجا متميزا للمشاركة."

كما سلط الدكتور روف الضوء على التأثير الإيجابي لبطولة كأس العالم في المنطقة حيث سيفتح فرصًا للوصول والتواصل.

"الفرصة بيد قطر لكي تغتنمها، وهي تمثيل مجتمع ومنطقة من العالم لم تستضف حدثًا رياضيًا ضخمًا كهذا من قبل. لدى الأمل بأن يساعد ذلك بفهم جديد للشعب القطري الصغير وبتمكيننا كأناس قادمين من أنحاد العالم المختلفة من إدراك مظاهر ثقافية مختلفة بطريقة قد لا تتوفر بأي مكان آخر. سيلقي حدث كأس العالم الأضواء على الدوحة والفرصة التي يتيحها ليس لها سابقة. شخصيا أرى بأنها فرصة للتغيير."

رداً على د. روف، تحدث السيد كريس دويل بذات الإيقاع عن فرص التغيير التي توفرها قطر بصفتها مضيفة لمثل هذا الحدث الرياضي الكبير، "هناك تغير للأفضل لملعب الكريكيت الذي يُقام للعمال في قطر، كما أن التحسينات في حقوق العمال هي إحدى نتائج ]فرصة استضافة[ كأس العالم."

ورداً على سؤال السيد كريس دويل بشأن استعداد قطر لكأس العالم لكرة القدم 2020، قال الدكتور محفوظ إن "معظم الملاعب جاهزة وجاري حاليا اختبارها. أقامت قطر عددًا من المسابقات لاختبار جميع المرافق كما أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA عن سعادته بتقدم الأمور." وأضاف أن قطر تسبق الجدول الزمني بالرغم من الوباء والحصار المنتهي.

وتابع الدكتور محفوظ: "بالإضافة لبناء الملاعب، من المهم أيضًا الحديث عن المرافق الأخرى التي يجري بناؤها حول الملاعب، والمرافق الرياضية المجتمعية، ومساري المشي والدراجات، وجميعها كانت عوامل جذب للناس خلال الوباء لممارسة الرياضة. أدى ذلك لحدوث تغير كامل في نمط الحياة لدى الناس من ناحية النشاط البدني لهم."

واختتم المتحدثون حلقة النقاش باتفاقهم على أن الرياضة ضرورية للصحة البدنية
والعقلية للجميع، فضلاً عن كونها آلية للتواصل المفتوح والتغيير الإيجابي.

___________________________________________